مشروع الدرعية: بوابة الماضي والمستقبل ضمن رؤية السعودية 2030

تقع مدينة الدرعية على بعد 10 كيلومترات فقط غرب مركز المملكة في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية الحديثة. تحتفظ الدرعية اليوم بمبانٍ أثرية مهيبة مبنية من الطين، وشواهد تاريخية تعود إلى حقبة تأسيس الدولة السعودية الأولى، مما يجعلها مهداً لتاريخ المملكة العريق.

تتركز الدرعية في حي الطريف، الذي يضم القصور الملكية والمساكن التقليدية والأبراج الدفاعية الأثرية. بُنيت هذه المعالم في القرن الثامن عشر، وتشكل شاهداً على التاريخ الغني للمنطقة الذي يمتد لأكثر من 500 عام. حصل الموقع على تصنيف اليونسكو للتراث العالمي عام 2010 تقديراً لقيمته التاريخية الاستثنائية.

والآن، تعمل بوابة الدرعية والحي الملكي في الطريف بشكل متكامل للحفاظ على العمارة التراثية التي تعود إلى القرن الثامن عشر، مع كتابة فصل جديد في قصة تطور المملكة وارتباطها بأصالتها.

نظرة عامة على مشروع الدرعية

يعد مشروع بوابة الدرعية أحد أضخم المشاريع التنموية في المملكة العربية السعودية الحديثة. يهدف هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 63.2 مليار دولار إلى تحويل مساحة 14 كيلومتراً مربعاً إلى وجهة عالمية رائدة للتراث والثقافة وأنماط الحياة العصرية.

ببساطة، يقوم مشروع الدرعية على الحفاظ على التاريخ والجذور الثقافية للمملكة، وفي الوقت نفسه رسم ملامح مستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا. وقد اكتسب هذا المشروع شهرة واسعة بين خبراء العمارة باعتباره واحدًا من أضخم المشاريع وأكثرها تعقيدًا على مستوى العالم.

يمتلك صندوق الاستثمارات العامة مشروع الدرعية، وتتولى هيئة تطوير بوابة الدرعية الإشراف المباشر على المشروع تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد. 

يلعب المشروع دوراً محورياً في تحقيق أهداف رؤية 2030، خاصة في مجال التنويع الاقتصادي، حيث تركز الرؤية على رفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي من 3% إلى 10% بحلول نهاية العقد.

العمارة النجدية: هوية تراثية فريدة

تتمثل الجاذبية الرئيسية للدرعية كوجهة ثقافية متميزة في حي الطريف التاريخي، الذي يعتبر نموذجاً عالمياً رائداً للعمارة النجدية المبنية بالطوب اللبني. تمثل هذه العمارة طرازاً معمارياً تقليدياً أصيلاً في منطقة نجد بوسط المملكة.

يحافظ مشروع الدرعية في تصميمه ومواده على التقاليد المعمارية الأصيلة، مع الاستفادة الذكية من أحدث التطورات في مجال العمارة المستدامة والحياة الحضرية العصرية.

تتمثل إحدى المهام الأساسية لمشروع الدرعية في تعزيز وحماية الإرث الثقافي والتراثي الغني للمدينة. لذلك تضع بوابة الدرعية إرشادات تصميم صارمة يجب أن تلتزم بها جميع المشاريع المعمارية، مع التركيز بشكل خاص على إحياء العمارة النجدية المحلية وتكريمها.

تجمع مدينة الدرعية بين عراقة التاريخ وحيوية الحياة العصرية من خلال معالمها البارزة مثل حي الطريف ومركز الدرعية لفنون المستقبل ومطل البجيري وفندق باب سمحان وساحة الدرعية ودار الأوبرا الملكية، مما يجعلها وجهة ثقافية وترفيهية فريدة متجذرة في التراث السعودي الأصيل.

الوجهات الرئيسية في مشروع الدرعية

مركز الدرعية لفنون المستقبل

يشكل مركز الدرعية لفنون المستقبل منصة رائدة للفنون والبحث العلمي، تم تطويره بالشراكة بين بوابة الدرعية ووزارة الثقافة. يتميز المركز كوجهة عالمية للممارسات الإبداعية متعددة التخصصات التي تدمج بين الفنون والعلوم والتكنولوجيا.

مطل البجيري

يمثل مطل البجيري حياً أنيقاً للمطاعم على الطراز النجدي، يطل على حي الطريف عبر وادي حنيفة. يضم مجموعة مُتميزة من المطاعم العالمية الراقية، بما في ذلك أربعة مطاعم تابعة لشيفات حاصلين على نجوم ميشلان.

فندق باب سمحان

يُعد فندق باب سمحان أحد فنادق لاكشري كولكشن، افتُتح في يناير 2025. ويُعد أول فندق ضمن 40 فندقًا مخططًا لها في مشروع الدرعية، ليكون بدايةً مميزة لمسيرة الضيافة الفاخرة في هذا الوجهة التاريخية.

ساحة الدرعية 

تقع ساحة الدرعية في قلب المشروع، وتعد واحدة من أكبر وجهات التسوق في المملكة، حيث تضم أكثر من 300 علامة تجارية فاخرة وعصرية و100 مطعم ومقهى، صُمم جميعها بتصاميم عصرية مستوحاة من الطراز النجدي التقليدي.

دار الأوبرا الملكية

من المقرر افتتاح دار الأوبرا الملكية في عام 2028 كجزء من المرحلة الثانية للمخطط الرئيسي لمشروع الدرعية، وهي من تصميم شركة سنوهيتا بالتعاون مع شركة سين للهندسة المعمارية. تُعد هذه الدار الأولى من نوعها في المملكة العربية السعودية.

حي الطريف: القلب النابض للتراث الثقافي للسعودية

يُعد حي الطريف القلب النابض للدرعية والموقع المُسجل ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، حيث احتضن المقر الأول للدولة السعودية الأولى. وتُجسّد عماراته النجدية المميزة والمشيدة من الطين أصالة الماضي، لتبقى شاهداً على التاريخ ومصدر إلهام لمسيرة التطور والتحول الحديث الذي تشهده الدرعية اليوم.

تتسم العمارة النجدية في الدرعية بالاعتماد على الطين كمادة بناء أساسية، وبجدران سميكة وتصاميم هندسية بسيطة وألوان ترابية متناسقة. ويعكس هذا الطراز المعماري هوية المنطقة ومناخها، إذ يوفر عزلًا طبيعيًا ومتانة عالية، مما جعله رمزًا أصيلًا يساهم في صون التراث المعماري والهوية الثقافية للقلب التاريخي للمملكة.

الرؤية الاستراتيجية لمشروع الدرعية

تتمثل رؤية مشروع تطوير الدرعية في تحويل المهد التاريخي للمملكة إلى وجهة ثقافية وتراثية عالمية المستوى، تحتفي بالتاريخ الغني والتقاليد الأصيلة للسعودية، مع تبني مفاهيم الحداثة والمعاصرة في آن واحد.

يقدم مشروع الدرعية فرصاً استثمارية بارزة ضمن بيئة تعتمد أعلى معايير الحوكمة والشفافية، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة عالمية المستوى للاستثمار.

سيضم مشروع مجموعة واسعة من المتاحف والمعارض الفنية بعد اكتماله، وسيضم أكثر من 40 فندقاً فاخراً ومطاعم متنوعة ومساحات تجارية ومناطق سكنية ومرافق تعليمية ومراكز ثقافية مُختلفة. من المتوقع أن يستوعب المشروع 100,000 ساكن، ويوفر 178,000 فرصة عمل ويستقبل حوالي 50 مليون زائر سنوياً.

أما السياح الدوليين، فسيمنحهم مشروع الدرعية تجربة استثنائية تروي قصة تحول المملكة خلال أقل من ثلاثة قرون، من مجرد مستوطنة صحراوية إلى واحدة من أبرز الدول تأثيراً وازدهاراً على الساحة العالمية.

تتمتع الدرعية بموقع استراتيجي متميز، حيث تقع على بعد ثماني ساعات طيران من حوالي 80% من سكان العالم، مما يؤهلها لجذب ملايين الزوار سنوياً بفضل تراثها الثقافي الغني وتنوع أنماط الحياة التي تُقدمها.

مشروع الدرعية: مستقبل يواكب رؤية 2030

من المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى للمخطط الرئيسي لمشروع الدرعية بحلول عام 2030، وهو توقيت يتوافق مع أهداف رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تعزيز المكانة الدولية للمملكة.

يُمثل مشروع الدرعية حجر أساس في هذه الرؤية الطموحة، حيث يُقدم المشروع للزوار تجربة أصيلة للثقافة والتراث والتاريخ السعودي، ويساهم في إعادة تشكيل الصورة العالمية عن المملكة.

صُمم مشروع الدرعية ليكون تطويراً متدرجاً يكشف مع مرور الوقت عن معالم وتجارب جديدة، بدلاً من الاكتفاء بافتتاح واحد شامل. ويأتي هذا النهج بالتوازي مع أعمال البنية التحتية الكبرى الجارية حالياً، ليضمن استمرارية نمو مشروع الدرعية ويحافظ على مكانتها كوجهة ثقافية وحياتية نابضة بالحياة ودائمة التطور.

تمثل الدرعية مزيجًا فريدًا يجمع بين التراث الثقافي وأسلوب الحياة العصري، حيث تلتقي عراقة الماضي مع رفاهية الحاضر لتشكل وجهة نابضة بالحيوية تجمع بين التاريخ والأناقة الحديثة.

الدرعية: الموقع وطرق الوصول

الموقع: تقع الدرعية في الضواحي الشمالية الغربية للعاصمة الرياض، مما يجعلها قريبة ومتاحة بسهولة للزوار والمقيمين.

كيفية الوصول إلى الدرعية

بالسيارة: يمكن الوصول إلى مشروع الدرعية بسهولة من مختلف أنحاء الرياض عبر طريق الملك خالد، مع وجود لافتات إرشادية واضحة توجه الزوار إلى الوجهة.

بوسائل النقل العام: تتوفر خدمة الحافلات العامة وسيارات الأجرة التي توصل الزوار إلى الدرعية من مختلف مواقع العاصمة الرياض.

أفضل وقت لزيارة الدرعية

ساعات العمل: يكون مشروع الدرعية مفتوح للزوار خلال ساعات النهار، مع اختلاف أوقات العمل لبعض المعالم والمنشآت، لذا يُنصح بالتحقق من المواعيد مسبقاً.

أفضل وقت للزيارة: تعتبر الفترة من أكتوبر إلى مارس هي الأفضل للزيارة بسبب اعتدال الطقس. يُوصى بالزيارة في الصباح الباكر بشكل عام للاستمتاع بتجربة ممتازة وتجنب الازدحام.